كثرت النصائح، فأين الطريق؟
الخبراء والمراجع كثر، فأين هو المصدر الصحيح؟
ما أجده منتشر انتشارا واسعا مؤخرا هو كمية النصائح والمعلومات الموجهة للملاك والمقبلين على البناء، ورغم وجود فوائد كبيرة لهذا النوع من النصائح، لكن السلبيات أيضا موجودة ووجب علينا تحديدها.
هل كل من نصح بالدواء طبيب؟
أرى الكثير من المنشورات تتكلم عن أمور فنية في البناء أو التصميم، وعندما أرى معلومة جديدة ابدأ بالبحث عن القائل أو صاحب الحساب، وفي كثير من الحالات أتفاجأ بأن هذا الشخص ليس بمهندس أولا، ولا يدير شركة هندسية ثانيا، ويصدمني أكثر التعليقات التي ربما تكون مؤيدة لمعلومة خاطئة تم نشرها من هذا الشخص، ولندع النوايا جانبا قليلا، الخطأ خطأ لو تزين بزينة العيد.
سيرد علي البعض ويقول هذا الشخص بنى فيلا أو أكثر وسبق وخاض تجربة البناء وأصبح خبيرا مؤهلا لنصح البشر وأغلب معلوماته صحيحة. سأقول لهذا البعض نعم أوافقكم الرأي أن أغلب معلوماته صحيحة ولكن الجزء البسيط الخطأ هو ما يمكن أن يودي بك إلى صالات المحاكم مع مقاولك، والسؤال الرئيسي إذا أمكنني أن انصحك بدواء معين لمرض ما بسبب تجربة سابقة لي بنفس المرض فهل أصبحت مؤهلا أن أعلن عن خبراتي في الطب وابدأ بنصح المجتمع أو أنني سأذهب برحلة إلى أول مركز شرطة عندما يكتشف المجتمع أنني لا أملك شهادة طب؟
يجب أن أتعلم جميع تفاصيل البناء لكي أتجنب النصب والاحتيال!
وهنا تأتي مدرسة (قاول مشروعك بنفسك) وأن البناء سهل وأن المقاول فقط سيأخذ منك مئات الآلاف بدون أي فائدة فعلية وغيرها من الجمل والأقاويل التي ان كنت مالكا مقبل على البناء فسأسعد فعلا بها وأظن أنني وجدت حلا رائعا لمعضلة البناء.
التعلم سهل والمعلومات متوفرة أينما وقعت عينيك، ولكن أبن ذهبت الخبرة؟ وأين ذهبت ساعات العمل والأخطاء السابقة التي مكنت بعض الشركات من بناء سمعة طيبة على مدى سنين؟ هل دوري كمالك أن أعرف كيف يبنى الطابوق بالتفصيل؟ أو أن ادرس طريقة تثبيت الأسقف الجبسية؟ وحتى إن أردت تعلم ذلك هل أنا متأكد أن المعلومة التي وصلتني هي المعلومة الصحيحة ولا يوجد أفضل منها وخالية من الأخطاء؟
نعم، اؤيد وأوافق أن يتنور المالك بمعلومات جيدة عن البناء وتفاصيله ليس أن يصبح مقاولا أو يبدأ بفرض سيطرته ومعلوماته على من أمضى سنين عمره في هذا المجال.
المنشورات التي تدعم هجوم المالك على الاستشاري والمقاول هي منشورات ناجحة بوصولها لعدد كبير من المشاهدين لأنها تلعب على عنصر العاطفة والمشاعر ونتيجتها أن بتمركز المالك بمنطقة نسميها (بوز المدفع) أمام أشخاص لا يمكنه مجاراتهم فنيا وغالبا تعاقديا.
نظرية المدينة الفاضلة مرفوضة وغير واقعية. ابحث عن الأمانة في العمل واستمع ولكن لا تتحرك فورا على كل نصيحة تصلك مباشرة أو عن طريق السوشال ميديا، بل تحرى واستشير أهل الخبرة المعتمدة والموثوقة.
مع الشكر،
م. عدنان وضحه